في بداية شهر يونيو/ تموز 2011 شاهدت في تل أبيب واحدة من المظاهرات تحت شعار "نعم للدولة الفلسطينية" وقد أعرب الإسرائيليون عن التضامن مع الفلسطينيين الذين يناضلون من أجل الاعتراف بدولتهم. هدف المظاهرة  كان لتشجيع إسرائيل بالاعتراف وإعلان الإستقلال الفلسطيني، والذي وفقاً لقانون الأمم المتحدة والمزمع إصداره في سبتمبر/ أيلول عام 2011. في العام الماضي في نوفيمبر/ تشرين الثاني عام 2012 اعترفت الأمم المتحدة بوضع الدولة الفلسطينية كدولة مراقبة غير عضو. هذا من أهم الأحداث في سياق الدبلوماسية ولكن تأثيرة الحقيقي من الصعب التنبؤ به بشكل واضح. الصراع في الشرق الأوسط مثل المرجل، الذي يختلط فيه الكثير من المصالح المتضاربة  السائدة في كثير من الأحيان أكثر من المشاكل الفعلية للناس الذين يعيشون كل يوم بشعور الخطر في إسرائيل وفلسطين. 

على أية حال هذا الحدث أعاد إلى ذهني تجربتي في إسرائيل قبل أكثر من عام. المشاركة في تظاهرة تموز آنذاك كان نقطة انطلاق لإجراء المناقشات مع اوريم يعقوب كيلر وهو صحفي مستقل لمركز المعلومات (مركز المعلومات البديلة) . مؤلف عدة تقارير صحفية عن المقاطعة كاستراتيجية لمكافحة رفض الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين و كمتمرد لأسباب أيديولوجية رفض الخدمة في الجيش الإسرائيلي. لجميع الأشخاص المهتمين بكواليس السياسة الإسرائيلية، أعرض حواري معه الذي قال يوري لي عن موقف اليسار المتطرف من الصراع في الشرق الأوسط. النص هو مقالي عن المحادثة وليس عرضا مباشرا لأقواله.

التقينا في مقهى في المدينة القديمة في القدس على الرغم أن يوري أبداً لم يواعد في هذا المقهى لأنه من ضمن المناطق التي  تنتمي إلى فلسطين  وبالتالي فإن الاسرائيلي القادم إلى هنا يعامل في إطار إضفاء الشرعية على الاحتلال. طالما أنني ارتكب خطأ في معرفة بوابة صهيون من ساحة صهيون (بالمناسبة المكان الأكثر وضوحاً في المدينة) للحظة كان مؤدبا ما يكفي للتخلي عن مبادئه وتجنيبي أخطاء أخرى. بسرعة انتقل إلى الموضوع  وإعطاء الثقة بسبب الألفة السياسية والحميمة مع فارديت ابن عمي ويبدأ يشرح لي الأمر المحلي : المظاهرة حيث كنا دعت لها منظمة اليسار الإسرائيلي الفلسطيني شارك فيها عدد قليل من الفلسطينيين والفلسطينيات الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية (ويمثلون حوالي 20 % من السكان). "إذا كان علينا الإجابة على السؤال، ماهو هذه اليسار المحلي المتطرف  هذا بالنسبة لي مشكلة، ما هي  صفة اليسار اليوم ..." - يفكر يوري وأنا أبتسم عند الإشارة إلى هذه المناقشات التي لا نهاية لها حول هذا الموضوع على نهر الفيستولا. وأضاف " موافق  وأعتقد أن هناك فرقا بين نوعين من اليسار في إسرائيل" – ركز وسرعان ما أصبح واضحاً أن هذا التصنيف لا ينطبق إلا على قضية الصراع في الشرق الأوسط  دون إشراك القضايا الاقتصادية والثقافية والتي هي للمشهد السياسي الأوروبي هي نقاط مرجعية. لذلك: هناك يسار صهيوني والذي هو أكثر أو أقل مع خيار إنشاء دولتين على حدود ما قبل عام 1967 كان هذا التحرك هو السائد في التسعينيات وهي قوة رئيسية في دعم رئيس الوزراء رابين وبيريز وباراك. كان مألوفا جدا و حديث ومؤثر جداً ونظمت مظاهرات كبيرة ومعترف بها من قبل التيار الرئيسي. في عام 2002 بدأت الانتفاضة الثانية وظهر في هذا الوقت ايهود باراك في بيانه الشهير الذي قال فيه  "لا يوجد شريك" وهذه كانت نهاية رمزية للحركة. وقال في وقتها أن عرفات قدم اقتراحا جيدا ، والذي لم يقبل في ما معناه أن الفلسطينييين لا يريدون السلام  وأنهم  ما يزالون يريدون قتلنا. عرض  في وقتها  بارلى الفلسطينيين أحد الحدود مع إسرائيل [فلسطين على الرغم من أن المنطقتين فصلت: غزة والضفة الغربية] دون الإشارة إلى قضية اللاجئين الذين اضطروا إلى مغادرة المناطق في عام 1948 بعد قيام دولة إسرائيل و دون تحريك قضية القدس الشرقية. كان هذا الاقتراح في الواقع أن تبقى تحت الإحتلال الواضح لا إستقلال. الزعيم الفلسطيني عرفات لم يقبل بذلك لأن ذلك سيكون نهايته السياسية المحلية و في ذلك الوقت أعلن باراك" أعتقد أنه كان ساخرا- يستنتج أوري الناس كانوا يأملون بالسلام وتسوية النزاعات وما تم إنجازه هذا كان انهيار اليسار الصهيوني ولم يعد هناك سبب لوجوده. الناس فقدوا الثقة في معنى المفاوضات. وهذه كانت ببساطة استراتيجية سيئة. ما لا يغير من الحقيقة أنه بقي من السلام الآن الحركة التي هي بالفعل القوة الدافعة وراءاليسار الصهيوني. واليوم ظل منه ظله – وإن كان ولا يزال أكبر تنظيم من هذه الخيارات – إلى هذا اليوم يستخدم في الخطابة التي تنص على أن الإحتلال هو خطأ يجب إنهاؤه ولكن من ناحية أخرى بحاجة إلى دولة إسرائيلية قوية من الجيش الذي سوف يدافع عن استقلال اليهودية. بالنسبة لي أنها عنصرية اللغة المخادعة – تُعلن. أنا بالتأكيد لست ضد  وجود إسرائيل ولكن مفهوم الدولة اليهودية لليهود بالنسبة لي أمر غير مقبول - لا بد أن تكون دولة ديمقراطية التي لا تفرق بين مواطنيها  على أساس القومية. بالإضافة إلى حركة السلام الآن هذه القوات كانت أحزاب العمل وميرتس كلا هما على مدى العقد الماضي  فقدوا معظم أنصار اليسار والحركات السياسية الجماهيرية تصبح مشتتة. عندما يتعلق الأمر عن اليسار الغير متطرف والذي أنتمي إليه فهناك العديد من المنظمات مثل غوش شالوم، حداش - الحزب الشيوعي سابقا، ومركز المعلومات البديلة (AIC) التي تشكل هذا الخيار. منذ التسعينيات كانت هذه الحركة صغيرة إلى حد ما  والأزمة الصهيونية اليسارية ليس لها تأثير كبير عليه. إلا أنه منذ ذلك الوقت وهي في تزايد على اليسار ولكن ليس بسبب العدد المتزايد من المشتركين ، بل فقط لعدم وجود بدائل . والحقيقة هي أن اليسار الراديكالي كان دائما على بعد خطوات قليلة قبل الصهيونية. في التسعينيات الحديث عن دولتين وعن حدود ما قبل عام 1967 وقد وضع في موقف متطرف للغاية، وحركة "السلام الآن" حذرة جدا في طرح مثل هذه الآراء يحاولون أن يكونوا أكثر تحفظا. اليسار الراديكالي نجح في التأثير لتطوير الموقف ودفعه أكثر إلى اليسار اليوم أضحى المفهوم واضحا. الآن عند عدم وجود كتلة حركة اليسار، اليسار الراديكالي بقي على موقفه لكن ترك عدد غير كبير من الناس اليسار الصهيوني وانضموا لنا. في هذا الوقت من السنة نظمنا العديد من المظاهرات والتي تجذب الكثير من الناس أكثر من المتظاهرين مثل تلك في تل أبيب لدعم قيام الدولة الفلسطينية. ويرجع ذلك أساسا لأن كل من الفلسطينين والإسرائليين يشعرون بأنهم ممكن أن يظهروا هناك وفي هذه المظاهرات يقدم الخطاب الذي لا يتنافى مع جدول أعمالهم. ليس لدي أي أوهام أن  اليسار الراديكالي أصبح حركة جماهيرية.

إذا سألت الإسرائيلي العادي على الموافقتة على حدود ما قبل عام1967 وحل مشكلة اللاجئين والقدس الشرقية كثمن للسلام الإجابة ستكون على الأرجح بنعم ولكن إضافة إلى ذلك أنه حتى لو قبل الإسرائليون بهذا الحل فإن الفلسطينين لن يقبلوا وجود إسرائيل. تعرف في التسعينيات يعتقد حقاً أن اليسار الصهيوني لديه القدرة  على التغيير و هذه الآمال جنبا إلى جنب مع رابين وبيريز ومن ثم في نهاية المطاف مع باراك. كان يعتقد أنه كل واحد منهم من شأنه تنفيذ الحركة المناسبة لإنهاء الاحتلال. وهذا لن يحدث. بغض النظر كانت الفرصة كبيرة لتغير السياسة الإسرائيلية ولكن اليوم لم يعد لها وجود. في نظر الإسرائيليين العاديين لم يعد هناك حل للحالة الراهنة وسوف تستمر إلى الأبد. الناس يؤيدون الاحتلال للاعتقاد بأن النهاية لن تجلب السلام. لا يؤيدون  ذلك لأنهم يؤمنون أو على الأقل معظمهم  بأن لا شيء سوف يتغير في النهاية". وهذا هو أكبر فشل ليس فقط لليسار الإسرائيلي ـ أعتقد وأنا أنظر إلى اليهود بلباسهم التقليدي وهم يشترون الكعك من البائعين العرب.  

 

كاتجينا  تشيرفونوكورا