في الأشهر الأخيرة، يجري نقاشا ساخنا في "بياليستوك"، بشأن التنمية المخطط لها في شارع "المقدس". و مصدر الجدل هنا هو حقيقة أن برنامج تطوير شارع المقدس يشمل أيضا على خطة لبناء وتجديد "قاعة الجزار السابق" - وهو المكان الذي تم تدمير المقبرة اليهودية على أيدي النازيين خلال الاحتلال الألماني. "هنا ببولندا، وليس إسرائيل"، ويقول مجلس المدينة الذين يؤيدون بناء مقر علي مقبرة سابقة.
قضية المقبرة بالشارع "المقدس" هي مجرد مثال.ومن المعروف أن مثل هذه القضايا توجد أيضا في وارسو ومدن بولندية أخرى، حيث توجد اماكن تحمل ذكريات التراث اليهودي "الغير مريح" للسكان المحليين.
دعونا نأخذ مثالا في "مورانوف" وارسو: اثنان من الجداريات - الاولة قدمها "ماريك ادلمان"، وتحمل الآخرة أسم "نساء مورانوف "
الأولة قد رسم عليها علي يد أدارة البناء في أقل من سنة - تتطلب إدارة الدفع من اجل لافتة إعلانية.
ورفض طلب الرسم علي الجدارية الثانية من قبل إدارة العديد من المباني، التي يعتقد أنها تمثل الكثير من الشخصيات اليهودية.
و قيل من قبل بعض البولندين "أليس لدينا الشجاعة الكافية".
وغالبا ما تستخدم هذه الحجج من قبل أولئك الذين يعارضون الحفاظ على التراث اليهودي في بولندا (ما إذا كانت مقابر، أو نوصب تذكارية أو أعمال أخرى).
و يبدو أن الثقافة اليهودية غالبا ما تتعارض وتتناقض مع الثقافة البولندي. و هؤلاء الناس الذين يستخدمون هذه الحجة، هم علي خطأ.
نعم بالطبع هنا بولندا، وليس إسرائيل.
هذا هو السبب بالضبط لماذا الحفاظ على المقبرة مهم جدا ومن هنا المحافظة على التراث اليهودي في بولندا هي قضية بولندية، وليست قضية الدولة اليهودية. وينبغي أن يكون أولا وأخيرا أيضا من مصلحة البولنديين.
انها ليست فقط حول ذاكرة و تاريخ اليهود، بل عن ذاكرة الشعب البولندي أيضا – عن الحقيقية، أي بولندا السابقة، صورة البلاد كما كان لسنوات عديدة قديمة- البلد الأكثر تسامحا، أنفتاحا ، المتعددة الثقافات والدولة الديمقراطية في أوروبا.
بعد سنوات عديدة من الاحتلال، وعدم الاستقلال، أحيت بولندا الديمقراطية , أصبح لديها أخيرا فرصة لاظهار ما هي عليه، وليس ما كان يريده المحتلين الكثر لها أن تكون.
للأسف، هؤلاء من مخيم "هنا هي بولندا"، وأنهم يريدون أن يعطوا لنا صورة مشوهة عن المجتمع البولندي أنة غير موحد، مملة، مغلقة ومجتمع غير متسامح.
ومع ذلك، ونحن نعلم أن للقصة رأي أخر في الموضوع.
الحقائق تتحدث عن نفسها: قبل عام 1939، كانت بولندا ثاني أكبر منزل لليهود في جميع أنحاء العالم.
في العصور الوسطى، عندما اضطهدوا اليهود في البلدان الأوروبية الأخرى ، كانت بولندا الدولة الوحيدة الذي اعتمدوا عليها كإخو.
عندما سيل النازيين الدم اليهودي في جميع أنحاء القارة , جائوا البولنديين لإنقاذ جيرانهم أكثر من أي دولة أخرى.
لعدة قرون، كان البولنديين على مثل أخلاقي للدول الأخرى في المنطقة.
وينبغي أن يكون هذا الإرث مصدر فخر للبولنديين - ولكن، للأسف، الكثير منهم يريدون نسيانه.
عندما نريد إنقاذ وحماية ما لهو صلة بالتاريخ اليهودي في بولندا، انها ليست فقط لهم.
أولا وقبل كل شيء، هي فكرة إحياء القيم الحقيقية البولندية.
نريد البولنديين أن يكونوا قادرين على النظر على أماكن التراث اليهودي ويقولون بفخر: "نعم، عاش اليهود هنا – لقد شاركنا الكثير مع اليهود في وطننا ، وساعد كل مننا الآخر، وكنا جيران وإخوة وأصدقاء. رحبنا بهم في بلادنا، اعتنينا بهم عندما لم يرد الأخرون مساعدتهم.
لقد ذهبوا من هنا , ولكننا ما زلنا نتذكر الأوقات السابقة.
اليوم، النضال من أجل الحفاظ علي الثراث التاريخي هو أكثر أهمية من أي وقت مضى, مررنا فية بأوقات الأزمات، عندما يكرر التاريخ نفسه، و يطرق اللاجئين على الباب البولندي، من المهم أن ننظر إلى تقاليد الثقافة البولندية.
فصيل"هنا هي بولندا"، الذي يحاول نسيان التاريخ البولندي المتسامح والداعم، هو نفسه الذي قال في وقت لاحق ان بولندا لا ينبغي أن تقدم المساعد اللاجئين، لأنهم يمثلون تهديدا للـ" أمة البولندية الكاثوليكية".
لا تدعوهم ينسوا أن التعليم الكاثوليكي، الذي يوجه بولندا، يعلمنا: "تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم".
وهذا هو التعليم التي خلق هذا البلد الرائع، وهي بولندا.
كتب: دانيال سلومكا
ترجمة: ريموندا رفعت