من الصعب حقا أن نقول بالضبط كم عدد الفلسطينيين. اعتمادا على المصادر تقدر من 7 إلى 8 ملايين نسمة. إلا أنني أسارع إلى الطمأنة: ليسوا كلهم يعيشون في بولندا السبب وضع بلدنا السياسي يسموننا يهود البلاد العربية لأن التشابه كبير، الشتات الفلسطيني منتشر في مختلف بلدان العالم. من الشرق الأوسط إلى الأرجنتين وتشيلي.
وبالإضافة إلى ذلك فإن غالبية الشعب الفلسطيني من المتعلمين والمغامرين وكثيرا ما يرتقون إلى المناصب الرئيسية في بلد الإقامة. نحن فخورون بأن لدينا أعلى نسبة من الناس بالتحصيل التعليم العالي بين العرب، ونحن في الطليعة عندما يتعلق الأمر بنسبة الأطباء والمهندسين. وبالإضافة إلى ذلك أن العديد من الفلسطينيين يحتفظ بمكانة عالية جدا في البلدان التي استقروا فيها وخاصة في أمريكا الجنوبية (مثل الرئيس كارلوس فوكوس الرئيس السابق لهندوراس، أنطونيو ساكا الرئيس السابق في السلفادور، سيريو بيطار كان نائب الرئيس السابق لتشيلي).
في بولندا هناك نحو 800 شخص من أصل فلسطيني. و معظمهم من الأطباء (حوالي 250) ورجال الأعمال والمهندسين والفنيين ويتركز معظمهم في المدن الكبرى وعواصم المحافظات ولكن هناك أيضا أصحاب الأعمال الصغيرة والحانات والمطاعم .
أول اتصال للفلسطينيين مع بولندا يعود إلى عام 50 من القرن الماضي.حين جاء الوفد الفلسطيني برئاسة الطالب ياسر عرفات – الرئيس الفلسطيني السابق ، للمشاركة في مؤتمر الشباب الدولي الذي عقد في وارسو.
في نفس الفترة درس طالبان فلسطينيان في بولندا كان واحد منهم وعمره اليوم 82 عاماً " كبير عيليتنا" والذي تزوج وبقي في بولندا لهذا اليوم مع أولاده وأحفاده.
مع ذلك فإن العدد الأكبر من الفلسطينيين في بولندا بقوا بعد التخرج الجامعي في الثمانينات، في وارسو وحدها والمناطق المحاذيه حوالي 200 شخص. أنشأ معظمهم هنا أسرهم المختلطة والآن هم يربون الجيل الثاني للأطفال البولنديين – الفلسطينيين.
في بولندا هناك الجمعية الاجتماعية والثقافية للفلسطينيين البولنديين (SKSPP) والتي تم تسجيلها في عام 2009. على الرغم من تسجيلها في محكمة كراكوف فإن غالبية أعضاء مجلس الإدارة من وارسو حيث تعقد الاجتماعات والأنشطة الرئيسية ذات الطبيعة الثقافية.
الجالية الفلسطينية في وارسو تنظم العديد من الأحداث السنوية والاجتماعات سواء تلك التي يشارك فيها البولنديون أو تلك تكون المحصورة بالجالية. دوريا هم يحتفلون بعيدين إسلاميين وعيدين مسيحيين، للبعض قد يكون هذا غريب ولكن جاليتنا في بولندا تتكون من أتباع الديانتين تماما كمثل البلد الأم ، يحتفل الجميع "بعيد الفطر" بعد شهر رمضان و"بعيد الأضحى"(نحر الأضاحي بعد الحج) ذكرى تضحية إبراهيم بابنه إسماعيل لله وبالطبع بعيد الفصح وبعيد الميلاد المجيد.
لتسليط الضوء على الاحتفال بالأعياد هي مناسبات اجتماعية تنظمها جمعية SKSPP حيث نلقي التهاني المتبادلة – وفقاً لتقاليدنا- يقدم غداء وحلويات العيد ومشروب القهوه المرة البدوية. في كثير من الأحيان بمناسبة العيد نقوم بزيارة أقرب الأصدقاء أو ننظم وجبة مشتركة في البيت أو المطعم.
لعبت جمعية الصداقة الفلسطينية البولندية (TPPP) دورا هاما في حياة المجتمع الفلسطيني في وارسو. في كثير من الأحيان مع مساعدة من هذه المؤسسة يتم تنظيم اجتماعات عامة مع البولنديين من أجل تعزيز المعرفة عن فلسطين وخاصة المناسبات الوطنية مثل اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي أعلنته الأمم المتحدة أو بمناسبة "يوم النكبة" (يوم الكارثة ، ذكرى ضياع فلسطين في 1948). في هذه الاجتماعات نعرض جزءا من تراثنا الثقافي والفولكلوري.
الفلسطينيون مثل معظم دول الجنوب هم منفتحون ومرحون، يحبون الغناء عن الحب، والموسيقى والرقص ويحبون الاستمتاع بسحر الحياة. في وارسو أحد زملائنا هو مدرب الرقص المهني يعرض مهارته بالرقص الشرقي. وبفضل جهوده شكل في وارسو فرقة الرقص الفلكلوري الفلسطيني. تتألف المجموعة من الشباب البولنديين والفلسطينيين وأظهرت مهاراتها على الرقص في 17 ديسمبر 2009 بمناسبة الاحتفالات البولندية باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
تعقد عدة مرات خلال السنة أحداث ثقافية متعلقة بفلسطين . ويتم تنظيم بعض منها من قبل الفلسطينيين وأخرى من قبل اصدقائنا. واحد من أهم الأحداث هو يوم السينما الفلسطينية (سينما) من وقت ليس بالبعيد عرض مهرجان الأفلام الإسرائيلية KOLNOA سينماتيك وارسو. تنظمه مؤسسة للثقافة اليهودية في بولندا بالتعاون مع السفارة الفلسطينة في وارسو.عادة في هذا اليوم يتم عرض أفضل الأفلام الوثائقية والخيالة الفلسطينية. غالباً ما ترشح الأفلام الفلسطينية لجوائز الأوسكار ("الجنة الآن"، "ملح البحر"، وغيرها). وبالمناسبة يمكنك أيضا لقاء مبدعي هذه الأفلام والمشاركة في مناقشات الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
في الفترة ما بين 2008-2009 في وارسو وحدها تم عقد عدة حفلات موسيقية مرموقة. (بما في ذلك في دارالأوركسترا الوطنية ودار الأوبرا الوطنية) أمسيات من الموسيقى والرقص، معرض فني، ومعرض للحرف، الخ. من خلال أنشطتنا في وارسو يظهر جزء من حقيقية الفلسطينيين خصوصاً البعد الثقافي أغانينا وأناشيدنا والرقصات تحكي عن قصة أمة وعن حلمها في الحرية والاستقلال.
النص: ماجد السهلي